السبت، 28 مارس 2009

أعجوبة غزالية .. 1 ..




..

لايخفى على "الأصدقاء" اعجابي الشديد بالدكتور محمد الغزالي واطروحاته، حين تتأمل كتبه فأنت تتجول في حديقة غنّاء، جميلة الأشجار، شذية الأزهار، طيبة الثمار.. لاتدري تقف عند أيها لتتأمل .. أكثر ..



الدكتور العلامة الفقيه الأديب المفكر الشيخ محمد الغزالي كتب عنه شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي كتاباً شيقاً ذكر فيه تفاصيل قد تخفى على الكثير من محبي الشيخ، ونافح عنه في بعض ماأثير من شبهات مغرضة.



قد تأخذني العاطفة فأفرط في مدح من أحب، ولكن صدقني عندما تقرأ للغزالي فأنك تشعر بوشيجة وجدانية تربطك به، ورغبة عارمة في الجلوس معه والاستئناس بصحبته ..


النشأة .. وبداية النبوغ

ولد في عام 1917م سمّاه والده (محمد الغزالي) اقتداء بالعلامة أبو حامد الغزالي، حفظ القرآن في العاشرة من عمره، نشأ في عائلة محافظة متدينة وبدت عليه علامات النبوغ والنباهة.

ترعرع محباً للدعوة وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في صغره وربطته علاقة ود بالإمام حسن البنا مؤسس الجماعة، كما اهتم بالأدب والكتابة والفكر في شبابه وأصبح يكتب بانتظام في مجلة الاخوان المسلمين.

في عام 45م أرسل له الإمام حسن البنا هذه الرسالة بعد أن قرأ أحد مقالاته :

” أخي العزيز الشيخ محمد الغزالي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد، قرأت مقالك (الإخوان المسلمون والأحزاب) في العدد الأخير من مجلة (الأخوان) فطربت لعبارته الجزلة ومعانيه الدقيقة وأدبه العف الرصين. هكذا يجب أن تكتبوا أيها الأخوان المسلمون.. اكتب دائماً وروح القدس يؤيدك، والله معك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ”

ومن يومها أطلق الإمام حسن البنا على الشيخ الغزالي لقب ” أديب الدعوة ”.

ثم بدأ في رحلة التأليف -ولايخفى عليكم إثراء الغزالي للمكتبة العربية الإسلامية حيث تجاوزت مؤلفاته الثمانين كتاباً- بكتاب الإسلام والأوضاع الاقتصادية في 47م

ثم أخذت العلاقة بين الاخوان والحكومة المصرية (عهد الملك فاروق) تتدهور فأدخل الغزالي للسجن بين عامي 48 و49م وذكر جزءاً مما واجهه هو واخوانه في كتبه (الإسلام والاستبداد السياسي) و(قذائف الحق).. وكتباً أخرى

في نفس العامين انتشر صيته كخطيب وكاتب وموجه لشباب الدعوة الذين التفوا حوله..


من هنا .. نعلم (منقولة من إسلام أون لاين)

وفي هذه الفترة ظهر كتاب للأستاذ "خالد محمد خالد" بعنوان "من هنا نبدأ"، زعم فيه أن الإسلام دين لا دولة، ولا صلة له بأصول الحكم وأمور الدنيا، وقد أحدث الكتاب ضجةً هائلة وصخبًا واسعًا على صفحات الجرائد، وهلَّل له الكارهون للإسلام، وأثنَوا على مؤلِفه، وقد تصدى "الغزالي" لصديقه "خالد محمد خالد"، وفنَّد دعاوى كتابه في سلسلة مقالات، جُمعت بعد ذلك في كتاب تحت عنوان (من هنا نعلم).
ويقتضي الإنصاف أن نذكر أن الأستاذ "خالد محمد خالد" رجع عن كل سطر قاله في كتابه (من هنا نبدأ)، وألّف كتابًا آخر تحت عنوان (دين ودولة)، مضى فيه مع كتاب "الغزالي" في كل حقائقه، ثم ظهر له كتاب (التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام)، وقد ألفه على مضض؛ لأنه لا يريد إثارة التوتر بين عنصري الأمة، ولكن ألجأته الظروف إلى تسطيره ردًّا على كتاب أصدره أحد الأقباط، افترى فيه على الإسلام، وقد التزم "الغزالي" الحجة والبرهان في الرد، ولم يلجأ إلى الشدة والتعنيف، وأبان عن سماحة الإسلام في معاملة أهل الكتاب، وتعرض للحروب الصليبية وما جرّته على الشرق الإسلامي من شرور ووَيلات، وما قام به الإسبانيون في القضاء على المسلمين في الأندلس بأبشع الوسائل وأكثرها هولاً دون وازع من خُلق أو ضمير.


الغزالي .. الجوّال المفكر

كان الغزالي منظراً ومحركاً لجموع شباب الإخوان المسلمين حيث كان عضواً لمجلس الإرشاد فيها، وفي الخمسينات ترك الغزالي الجماعة بعد عمر طويل فيها، وركز على تأليف الكتب والتجول في البلدان الإسلامية فأخذت كتبه صدىً واسعاً وانتشاراً كثيفاً في جميع الأقطار،فتضايقت الحكومة في عهد السادات منه وأبعدته عن عمله وأوقفته عن الخطابة وضيقت عليه، فانتقل إلى جامعة أم القرى في المملكة العربية السعودية واستمر فيها 7 سنوات مليئة بالتعليم والدعوة، ثم انتقل إلى الجزائر ليعمل رئيساً للمجلس العلمي بأحد جامعاتها.


الغزالي .. حماسة تتدفق

من السهل على كل قارئ الشعور بالحماسة الشديدة والعاطفة المتأججة في كتب الشيخ الغزالي .. حتى أنها أحياناً تعصف بالمخالف وتلقفه سلسلة من العبارات اللاذعة، لكن في العموم يغلب على الشيخ طابع المحبة والرأفة والمحبة ولو قسى في بعض عباراته..

وأخيراً .. فإنك تشعر وأنت تقرأ للغزالي بحرارة في قلبه وهمّ كبير نحو الإصلاح والنهضة، ونحسبه والله حسيبه أنه من الصالحين، فمحبة الناس له، وتأثيره الواسع على العامة والمثقفين والمفكرين لم يكن إلا بتوفيق الله له ..


وفاته

توفي الشيخ الدكتور محمد الغزالي في عام 1996م في مؤتمر الدعوة الإسلامية بالرياض، ودفن في بقيع المدينة المنورة ..

نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته .. هذا الإمام العلم الذي لن تعرف صدق ماكتبته إلا حين تقرأ كتبه أو تسمع خطبه..


الجزء الثاني سنستعرض بعض مقولاته الرائدة بإذن الله

هناك 3 تعليقات:

  1. أسلوب الغزالي أسلوب ممتع جدًا ، كلماته في كتبه تحس أنها تخرج من قلبه كما ذكرت ..
    أتمنى من الله أن أُوَفَق بقراءة كتب أكثر للغزالي ،

    رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله عن كل أعماله خيرًا .


    الشكر موصول لك حمدان ، لهذه اللفتة لهذا العظيم :) ، وبانتظار الجزء الثاني .

    ردحذف
  2. ياريت تستمر ابو سعد بهذا العرض لأفكار رواد النهوض في عالمنا الاسلامي..سلمت يداك

    ردحذف
  3. عزام ..
    لن تندم على قراءة أي من كتب الغزالي، والجزء الثاني قريباً إن شاء الله..

    --------------------
    أبو بدر ..
    شكرا لمرورك .. ومروراتك القادمة لاتحرمنا فيها من ملحوظاتك وانتقاداتك ليستقيم القلم وانت استاذنا

    ردحذف