السبت، 30 مايو 2009

مفاهيم تربوية من الأربعين النووية

مفاهيم تربوية من الأربعين النووية
وقفة : متن الأربعين النووية هو من أكثر المتون التي اهتم فيها العلماء بالشرح والدراسة، وكذلك فقد حظي هذا المتن باهتمام كبير من التربويين الإسلاميين، ونظراً لكثرة تناول ودراسة هذا المتن من قبل الدعاة والتربويين، جاء هذا الاجتهاد بثلاثة فوائد منتقاة ومتنوعة لكل حديث من الـ42 حديث النووية ..
بسم الله ..

1.
أ‌- الإخلاص أساس العبادات .
ب‌- الرابطة الحقيقية هي رابطة الدين وهي أقوى من رابطة الوطن أو القبيلة أو ..الخ
ت‌- الرياء، أخوف مايخاف الرسول صلى الله عليه وسلم علينا (الشرك الخفي).
2.
أ‌- الفهم الصحيح للإيمان (اعتقاد وقول وعمل).
ب‌- الطريقة الحوارية بالتعليم أجدى من الإلقاء المباشر.
ت‌- السعي للكمال ولدرجة الإحسان .
3.
أ‌- تعظيم الأركان الخمسة وتحذير المجتمع من التهاون فيها.
ب‌- الفرق بين "إقامة الصلاة" و "أداء الصلاة".
ت‌- تفاوت التكاليف الشرعية في إلزاميتها.
4.
أ‌- الإعجاز العلمي في السنة النبوية.
ب‌- التحذير من العجب والاغترار بالعمل.
ت‌- تجنب اليأس في الدعوة (قصة من قتل 100نفس).
5.
أ‌- العبادات توقيفية.
ب‌- العلم الشرعي درع ضد الفتن والبدع.
ت‌- خطر اتباع الهوى وضرورة المرجعية للدين.
6.
أ‌- القلب .. بصلاحه يصلح الجسد، هل اهتمامنا بالقلب يناسب مقامه؟
ب‌- الفتوى .. لايتصدى لها أي شخص فلابد من جمع علم الدين وفقه الواقع.
ت‌- خطورة التعدي على محارم الله (لاصغيرة مع إصرار ولاكبيرة مع استغفار).
7.
أ‌- أهمية النصح في تطوير المجتمعات.
ب‌- الصديق الحقيقي هو الناصح لا المجامل.
ت‌- عدم الإكثار والمبالغة في النقد (كان صلى الله عليه وسلم يتخول الصحابة بالموعظة)
8.
أ‌- الجهاد فريضة وضرورة .. ولكن بالضوابط الشرعية.
ب‌- ( أفلا شققت عن قلبه ).
ت‌- جهاد النفس مطلب رئيس لصلاح الناس.
9.
أ‌- درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ب‌- الاعتبار بالتاريخ وقراءته والتأمل في أحداثه .
ت‌- يسروا ولاتعسروا.
10.
أ‌- حث الإسلام على الطهارة الروحية والجسمية.
ب‌- الربا وخطره في تفتيت المجتمع.
ت‌- للدعاء آداب .. وأوقات أحرى بالاستجابة.
11.
أ‌- البعد عن مواطن الشك والريبة.
ب‌- حسن الظن يصلح الدين والدنيا.
ت‌- مراعاة الأعراف والتقاليد في المجتمع.
12.
أ‌- ترك الفضول له فوائد نفسية وإيمانية واجتماعية ودعوية .
ب‌- (بالضد) ينبغي علينا تحمل المسؤولية فيما يعنينا.
ت‌- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سفينة النجاة.
13.
أ‌- أهمية الأخلاق في ديننا (21حديث من 42نووية تطرقت إلى جوانب خُلُقية.
ب‌- المحبة والمودة تنهض بالأمم بعكس الأنانية.
ت‌- استشعار الأخوة الإسلامية وعالميتها.
14.
أ‌- البعد عن الزنا وكل مايقرب إليه.
ب‌- المؤمن الموفق يستطيع التوفيق بين الخلطة والعزلة.
ت‌- حرمة الظلم والكبر والتعدي على الآخرين.
15.
أ‌- مكانة الكرم في الإسلام والحث عليه.
ب‌- التكافل الاجتماعي من مقومات المجتمع المسلم.
ت‌- الصمت .. حكمة .
16.
أ‌- للغضب أضرار نفسية وصحية وإيمانية واجتماعية.
ب‌- فهم النفسيات لدى الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أوصى كل من سأله بما يحتاجه.
ت‌- الغضب المحمود (عندما تنتهك محارم الله).
17.
أ‌- الإتقان .. حتى في دقائق الأمور.
ب‌- الإحسان منهج نبوي في كل التعاملات.
ت‌- بذل الغاية عند أداء الأعمال وعدم الاكتفاء بالحد الأدنى.
18.
أ‌- التقوى .. أساس قويم يبني عليه المؤمن أعماله (أفمن أسس بنيانه ..)
ب‌- (الحسنة تمحو السيئة) قاعدة عامة حتى في تعاملنا مع الناس.
ت‌- العزة وعدم الخجل من قول الحق.
19.
أ‌- احترام الصغار والاهتمام بهم مطلب رئيسي لأن شخصية الانسان تتكون مابين ولادته إلى السنة السادسة.
ب‌- تعلق القلب بحب الله يحقق السعادة التي يبحث عنها العالم.
ت‌- اعقلها .. وتوكل ..
20.
أ‌- الناس معادن ، فلنراع اختلافاتهم.
ب‌- علينا بث خلق الحياء لدى النساء والرجال لأنه حل للعديد من المشاكل.
ت‌- خطر الاختلاط والتبرج.
21.
أ‌- الشغف بالعلم ومصاحبة القدوات.
ب‌- الإيجاز -عدم المخل- أبلغ في إيصال الرسالة.
ت‌- تلازم النية مع القول ومع السلوك.
22.
أ‌- لا نطالب العامة بما نطالبه من الخاصة (نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم الليل) مع ملاحظة عدم الفرض فيما لم يفرضه الله.
ب‌- الانقياد للدليل من صفات المسلم .
ت‌- لا ينبغي التنطع والتزمت في السنن ولا إهمالها وتضييعها.
23.
أ‌- ذكر الله حياة القلوب.
ب‌- الضياء هو النور الذي تصحبه حرارة، فكذلك الصبر لايخلو من الألم.
ت‌- التنوع في العبادات يعطينا أفقاً رائعاً للميول الشخصية في النوافل.
24.
أ‌- عظمة الله –سبحانه وتعالى- وغناه عمن سواه.
ب‌- صفات الكمال كلها لله سبحانه وتعالى.
ت‌- إذا عُرف الآمر .. سهلت الأوامر فمما ينبغي معرفة الله سبحانه وتعالى ودراسة أسمائه وصفاته.
25.
أ‌- التنافس والسباق وطلب العلا من صفات المؤمنين.
ب‌- الصدقة تطفئ غضب الرب.
ت‌- عدم الخوف من الرزق لأنه من عند الله.
26.
أ‌- التجرد للحق (معاملة الناس بلا هوى).
ب‌- الإسلام دين اجتماعي يحرص على تقوية أواصر المودة.
ت‌- آداب المشي إلى الصلاة .
27.
أ‌- الصدق مع الناس.
ب‌- فليكن باطنك خير من ظاهرك.
ت‌- سعة أبواب الخير.
28.
أ‌- عين لاتمسها النار .. عين بكت من خشية الله.
ب‌- التمسك بالسنة النبوية وفهم السلف الصالح.
ت‌- الحذر من الشبهات والفتن.
29.
أ‌- دقائق الليل غالية .
ب‌- التحذير من آفات اللسان.
ت‌- صيام النافلة أجره عند الله.
30.
أ‌- رحمة ديننا حيث (الأصل في الأشياء الإباحة)
ب‌- تعظيم الشعائر بالقلوب.
ت‌- علم الله .. (غير نسيان ..)
31.
أ‌- تعلق القلب بالآخرة.
ب‌- الدنيا .. وسيلة لا غاية، حتى عمارها واصلاحها وسيلة لرضى الله.
ت‌- العمل والكسب في الدنيا نحن مأمورون به شرعا.
32.
أ‌- تعاليم ديننا كلها فيها منفعة راجحة.
ب‌- الضرورات الخمس .
ت‌- قاعدة (سد الذرائع) ينبغي التوازن فيها.
33.
أ‌- شمولية الإسلام .
ب‌- عدالة الإسلام.
ت‌- كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل مايسمع.
34.
أ‌- (كل أمتي معافى إلى المجاهرون)
ب‌- هدفنا من إنكار المنكر تغييره وليس إقامة الخصومات والتحديات.
ت‌- (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه).
35.
أ‌- أمراض القلوب باب للشرور.
ب‌- الاحترام والتواضع من ركائز الأخوة الإيمانية.
ت‌- من أجل الأعمال وأعظمها (إصلاح ذات البين).
36.
أ‌- العلم بالتعلم ، وألألف ميل تبدأ بخطوة.
ب‌- فلنرتع من رياض الجنة (مجالس الذكر).
ت‌- لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.
37.
أ‌- لا يقبل عمل بلا نية، وتتفاوت الأعمال بقدر نواياها.
ب‌- الحسنة تقول أختي أختي ، وكذلك السيئة.
ت‌- نعم الله .. لاتعد ولاتحصى.
38.
أ‌- التقوى الطريق لنيل ولاية الله.
ب‌- النوافل تجبر الفرائض وطريقنا لنيل محبة الله.
ت‌- تقديم الإنذار على العقاب.
39.
أ‌- العفو عن الخطأ والزلل من صفات الكرام.
ب‌- هناك فرق بين النسيان والتناسي .
ت‌- ليس من العيب الاعتراف بالخطأ.
40.
أ‌- التوبة والإنابة تكون باستمرار .
ب‌- التصوّف الحميد.
ت‌- يا دنيا .. غري غيري.
41.
أ‌- الإمعية وأثرها السلبي على الشباب المسلم.
ب‌- الدين والعقل .. مستحيل أن يتناقضان.
ت‌- لا تعارض بين هذا الحديث وأن هوى الإنسان يجره إلى السوء فمن كبح جماح هواه انطبق عليه الحديث وإلا فلا.
42.
أ‌- أسباب المغفرة: الدعاء، الرجاء، الاستغفار، التوحيد.
ب‌- (ياابن آدم) يدل هذا النداء على تساوي الخلائق عند الله وأنه سبحانه لاينظر إلى صورنا وأجسامنا.
ت‌- دخول المؤمنين للجنة برحمة الله لا بأعمالهم، ولكن الأعمال الصالحة سبب لرحمة الله.

الثلاثاء، 26 مايو 2009

كوامن (3) .. الخل الوفي ..






..


السلام عليكم ..



قدم مخارق -نديم الخليفة المأمون- على سيده وأنشده :



وإني لمحتاج إلى ظل صاحب ** يروق ويصفو إن كدرت عليه

فقال له المأمون : أعد ..
فأعادها ثم كرر عليه الطلب سبع مرات، والمأمون غارق في تأمل خفايا بيت الشعر..
ثم أطرق الخليفة قائلاً : ائتني يامخارق بمثل هذا وأعطيك الخلافة ..


(قصة قصيرة) تحكي واقعاً قديماً يجسده قول الشاعر الأول :

إني فحصت بني الزمان فلم أجد ** خلاً وفياً للشدائد أصطفي
فعلمت أن المستحيل ثلاثة ** الغول والعنقاء والخل الوفي


كثير مايخالج النفس شعور بعدم الرضا والاستياء (الداخلي) من واقع الأصدقاء والخلان، إليكم جزء من حديث .. النفس :
أصدقائي لايفهمون مشاعري بالكامل ..
ولايعرفون شخصيتي بتفاصيلها ..
وللأسف فأغلبهم (ماينشد) فيهم الظهر ..
ايييييييييييييييييه ياليت كل من أعرف بنفس تفكيري وطباعي ليتفهمني ..


..
كثير من هؤلاء لو أتيتهم بشخصيات تطابقهم لوجدتهم ألد الأعداء وأبغض الفرقاء، لأن الشخصية -بالعموم- لاتخلو من تناقضات ورفض لسلوكيات تمارس من الشخص نفسه.

إن المشكلة تكمن في تركيز النظر على السلبيات من جهة، والنظر من برج عالي (المثالية) من جهة أخرى .. فنحن نريد أن يكون أخلاؤنا كالملائكة المطهرين، ونطلب فيهم الصفات الذهبية اللامعة .. الخالية من الدسم والكلسترول ..

القناعة كنز لايفنى .. وكلنا ذو خطأ .. عندما نتوافق في الطباع ونتقارب في النفوس فلنتجاوز عن الزلات والهنّات .. لنتغافر .. ولنتقرب إلى مولانا بحب عميق جميل يجعلنا على منابر من نور ..

ويحضر هنا بشار :
إذا كنت في كل الأمور معاتباً ^^ صديقك لم تلق الذي لاتعاتبه
فعش واحداً أو صل أخاك فإنه ^^ مقارف ذنب مرة ومجانبه




الحمدلله الذي سخر لنا أحباباً وخلاناً رائعين .. يوفون الوعود .. ويصلون العهود .. يحفظون الود .. يحسنون الرد .. يكثرون النصح .. ويغلبون الصفح ..

الجمعة، 15 مايو 2009

كوامن (2) .. أبيض وأسود



..

السلام عليكم

أذكر قبل عدة سنين قام أحد أساتذتنا الفضلاء بحركة خفيفة لزيزة زريفة .. القصة :

جاء أستاذنا الفاضل (أبو عبدالله) بمقالين ليقرأهما علينا، الأول هو مقال للدكتور تركي الحمد، والثاني مقال للدكتور سلمان العودة، وطلب منا أن نقوم بتقويم ونقد المقالين ..

بدأ بالمقال الأول ونحن (شددنا الحواجب) و(عصّرنا الشفاه) و(عضضنا الألسنة) .. هجووووووم من كل النواحي ،قذائف من العيار الثقيل والمتوسط بعيد المدى وقريب المدى .. لايمر سطر إلا وهو مثخن بالطعن والتنكيل.. انتقادات سطحية وعميقة فكرية وثقافية وشرعية واجتماعية .. انتهى أبو عبدالله من قراءة المقالة بتنهيدة طوويلة خرجت من صدورنا مليئة بالنشوة والشعور بالانتصار..

بدأ بالمقال الثاني ونحن (مرتخي الحواجب) و(فاغري الشفاه) و(نقدم أجمل دعاية معجون أسنان) .. وكأن السكينة حلت علينا فحلقنا سوياً في جمال العبارات وروعة المعاني .. فتسابقنا في التنقيب عن درر المعرفة المستخرجة من الكنز (المقال)، فوائد وعبر ثقافية وشرعية واجتماعية .. انتهى أبو عبدالله من قراءة المقالة بتبادل عبارات الإعجاب والمباركة بوجود مثل هذه الرموز ..



:) المفاجأة التي فجرها فينا أبو عبدالله أنه قد بدل المقالين .. :) يعني كل عبارات النقد كانت لمقالة الشيخ سلمان .. والعكس لتركي الحمد ..

لاتسألوا .. ماذا حصل ..؟؟


وعين الرضا عن كل شئ كليلة ** وعين السخط تبدي المساويا


للأسف قد نجد لدينا (في كل التيارات) بعد عن الإنصاف والتجرد، واقتراب كبير من الأحكام المسبقة، واختلاط العاطفة بالحكم العقلاني ..
إذا أحببنا بلغنا بالمحب عنان السماء فنرفض كل انتقاد يوجه له، ونتعامل بأعصاب مشدودة مع المواضيع التي تطرح عنه، أما إذا أبغضنا شخصاً فنجعله في أسفل سافلين ونحط من قدره ولانقبل الحق منه..
إخواني .. هذه دعوة للتجرد للحق بلا مواربة، كلنا ذو خطأ، وكلنا يؤخذ من كلامنا ويرد .. فلنتخلص من الأحكام المسبقة التي قد تعمي الحق عن أبصارنا ..

الأحد، 10 مايو 2009

كوامن (1).. أنا الأفضل ..



..

السلام عليكم

سلسلة كوامن سنغوص فيها -بإذن الله- في أعماق النفس البشرية ونحاول استخراج الحديث الداخلي الذي يجري على مدار الساعة بين النفس والروح والجسد.. وهذا بالطبع لايمكن فيه التعميم (فلا أحد يبلشنا) سنتحدث عن السائد في عموم البشر حسب الاجتهاد وهي في النهاية "وجهة نظر"..

كما سنحرص على الاختصار والاتجاه لصلب الفكرة .. مباشرة ..


يتحدث علماء النفس عن شعور نفسي داخلي يختلج الإنسان في كل مرحلة من مراحل عمره بأنه وصل إلى درجة عالية من الوعي والفهم (في الحكم على الأمور) مما يؤدي إلى تمسك شديد بالفكرة، ووضع حاجز تجاه الأفكار الأخرى، واستجلاب كل مايمكن حشده لدعم هذه الفكرة وإثباتها، ويؤثر ذلك -بالطبع- على إدراكه، فيضع كل مايدركه ضمن القوالب التي صنعها بنفسه فمثلاً عند اقتناع الشخص بنظرية المؤامرة تجده يمحور كل مايدركه لدعم فكرته، فحين يرى لوحة في الشارع ساقطة (يعرفط) الفكرة ويصل فيها إلى أن هذا من تدبير العدو هذا الفعل مدبّر والله المستعان، ثم يستشهد فيه عند غيره لدعم نظرية المؤامرة .. وهكذا ..

الغريب أنه في كل مرحلة عمرية ينظر لماضيه مزدرياً ومتعجباً من طريقة تفكيره ؟؟ ويحمد الله على مامنّ عليه من وعي أكثر واستيعاب أوسع.. لكن للأسف بعد فترة يتكرر المشهد مرة أخرى .. وهكذا ...

لاشك أن الثقة بالنفس مطلب، وأن يبدي الشخص رأيه بحرية مطلب لاغبار عليه، لكن المشكلة بالإعتداد بالرأي والقناعة ببلوغ المنتهى في الفهم، والرغبة العارمة في إقناع الآخرين بآرائه المجيدة، متجاهلاً أن الوعي والفهم الكامل غاية لاتدرك، وأن الله -سبحانه وتعالى- قد قسّم الفهم بين الناس، وجعل في ذلك اختلافاً وتنوعاً في وجهات النظر لتتكامل البشرية (لاحظوا جمال كلمة "وجهة نظر" من ناحية أنها تعبر عن جهة واحدة شخصية للموضوع) ..

الأدهى والأمر هو انتشار ثقافة (الإقصاء) وانتقاد (الإقصاء) من (المقصين) ..

إن الانفتاح العقلي والذهني والمنطقي لقضايا الحياة المتنوعة معتبراً بأن الله -سبحانه وتعالى- قد يجعل الحق على لسان الجاهل بل حتى ابليس صدق وهو كذوب فلا داعي للتعصب الأعمى (باستثناء ماقرره الله علينا بنص وهذا من فضله) بالإضافة للاعتراف بالخطأ حين ادراكه والتفكير بأنه يمكن أن يغير رأيه .. مخرج من هذه الدوامة بشرط الثبات على الحق وتجنب (فوضى العقل المتغير) تلك النظرية التي تدعي عدم الثبات في الكون على جميع الأصعدة فلانتنازل عن الرأي الذي نراه صائباً وحقاً لأننا نتوقع أن نغيره.




أخيراً أخي القارئ ..
لا تتحمس مع الموضوع فقد أتنازل عن ماكتبته بعد فترة .. :-) .. << مزحة

السبت، 2 مايو 2009

عــــلاء



..

كان يا ما كان في وقت ليس بزمان، وفي إحدى شوارع جبل الحسين القديمة، يوجد دكّان صغير إسمه دكّان علاء. هذه القصة عن رجل ضرير تحوّل من صاحب بسطة إلى صاحب دكّان… قصّة شبيهة بقصة الأميرة سندريلا ولكن بدلاً من سندريلا كان علاء وبدلاً من الجنيّة كان هناك مجموعة من الشباب اجتمعوا على الخير.


علاء
ولد علاء ضريراً لا يبصر النور. ولكنه تعلّم ودرس كما يدرس المبصرون وأنهى الثانوية العامة.. ولعلاء الكثير من القصص الطريفة التي يرويها.. فيروي لنا قصصه مع أسئلة الخرائط ومعاناته في رسمها.. وكيف صمم على النجاح بالرغم من أنه أعاد تقديم إمتحان الثانوية أكثر من مرّة… كما يروي لنا قصّة طريفة عن رجل قام بصفعه لأنه ظن أنه ينظر إلى زوجته قبل أن يكتشف أن الرجل الذي أمامه ضرير.. علاء وبالرغم من كل الظلام الذي يحيط به.. لديه قدرة عجيبة على تحويل معانته إلى نكت طريفة.
البسطة
توفي والد علاء وهو مازال مراهقاً صغيراً وأصبح على عاتق علاء مسؤولية كبيرة تكمن في رعاية أسرة من خمسة أفراد. ومن هنا بدأت رحلة أخرى لعلاء حيث لم يجد سوى العمل على بسطة صغيرة قرب أحد المساجد في عمّان. ولم يكن الأمر سهلاً بالنسبة له، فقد كان فريسة سهلة لكبسات الأمانة والتنمية الإجتماعية، وهكذا ظل حال علاء حتى التقى بالشباب…
زبائن خير
بالرغم من زبائن الأمانة، كان هناك زبائن من نوع آخر، توفيق وخالد صديقان من روّاد ذاك المسجد الذي حوى بسطة علاء. وفي كل مرّة يمر بها توفيق وخالد من أمام البسطة تقصر المسافة بينهم حتى أصبح السلام واجباً بين الشباب. وفي كل مرّة يمر توفيق أو خالد من أمام البسطة يتوقفان قليلاً للاستماع إلى قصص علاء الطريفة واسلوبه الساخر في وصف واقعه الذي يعيش.


إختفاء علاء
وفي يوم من الأيام اختفت بسطة علاء وطال غيابه واستمر هذا الوضع ما يقارب الشهرين مما أثار استغراب كل من توفيق وخالد اللذان سوارهما القلق والحيرة تجاه صاحب البسطة الضرير. وبعد شهرين عاد علاء إلى موقعه فسارع توفيق وخالد لسؤاله عن سبب هذا الغياب. فكان السبب أن التنمية الاجتماعية إعتقلت علاء بسبب البسطة وأصبح هذا العمل لا يجدي نفعاً أبداً ولكن لا يوجد لديه أي خيار آخر سوى الاستمرار في هذا الدوّامة. ومنذ تلك اللحظة قرر خالد وتوفيق أنه أصبح من الضروري تغير واقع هذا الرجل المأساوي ومساعدته بأي طريقة.


مشروع كشك
في البداية حاول خالد وتوفيق تأمين كشك صغير لعلاء يستطيع من خلاله العمل ولكن عملية الترخيص كانت مستحيلة.. فمنذ ثماني سنوات “وقبل التعرف على خالد وتوفيق”حاول علاء عدّة مرات ترخيص كشك صغير ولكن كان مصير هذه المحاولات الفشل بحجة أنه ضرير.. ومع كل هذا حاول كل من خالد وتوفيق ترخيص الكشك ولم يفلحوا أبداً حتي مع جهودهم في تدبير واسطة لذلك.
بصيص أمل.
وبعد أشهر عدّة إتصل علاء بالشباب وأخبرهم أن هناك بقّالة معروضة للبيع بالقرب من منزله. ومع أن الرقم كان فلكياً بالنسبة لعلاء ” ٨٠٠٠ دينار” إلاّ أن هذا الأمر لم يثبط من عزيمته وإقدامه. وهنا بدأ الشباب بالتفكير جدياً في المشروع ومساعدة علاء على تحقيق هدفه.


الجنّية اشتغلت مع الشباب
وجد توفيق وخالد أن مساعدة علاء لن تكون مجدية بمجرد إعطاءه بعض النقود وأن عليهم أن يعملوا أكثر من أجل تغير حياته جذرياً. ومن هنا قرر الإثنان أن يتحول علاء من صاحب بسطة إلى صاحب دكّان قادر على شق الطريق بنفسه.. يقول توفيق: إن ما دفعنا لمساعدة علاء هو طموحه وإصراره على النجاح وخوض التجربة دون تردد. وبما أننا أنا وخالد من أصحاب الشركات الناشئة كانت لدينا رؤيا بأن نقوم بتطبيق الأفكار والنظريات والمعايير المتعلقة بإدارة الأعمال وتطويرها في مشاريع صغيرة تخدم المجتمعات الفقيرة وقد كانت هذه فرصة لنا للتجريب والعمل على أن يكون مشروع دكان علاء قابلاً للتطبيق و أن تكون لديه صفة الديمومة والتوسعيه. وبالتالي يمكن تحويله إلى نموذج يمكننا أن نطبقه مع أشخاص آخرين.


جمع رأس المال
بدأت عملية جمع المبلغ لشراء الدكّان، وقد ساهم الجيران والمعارف وأهل المسجد في ذلك.. وقام خالد وتوفيق بإقناع إمام المسجد بإلقاء خطبة عن المشروع لدعم الفكرة. وفي النهاية تم تحصيل المبلغ إمّا على شكل تبرعات أو ديون يتم سدادها من أرباح المشروع فيما بعد. ولكي يضمن كل من خالد وتوفيق نجاح المعروف بدأوا بطبيق الأفكار التي تساعد على تطوير العمل وديمومته.. فتحدثوا إلى صاحب محل تجاري ناجح وأخبروه القصّه، ولم يطلبوا منه دعماً مادياً بل طلبوامنه أن يقوم بتدريب علاء ونقل ما يستطيع من خبرات لديه، فاستحسن الفكرة ووافق على الفور.
صعوبات
لكن صاحب المحل التجاري الناجح وجد أن جهوده ستذهب سدى لأن حال الدكّان والبضاعة التي فيها كانت في حالة مزرية وشحيحة. فاقترح على خالد وتوفيق جمع نقود أخرى لشراء بضاعة جديدة. وبالفعل تم جمع مبلغ آخر من المال على شكل تبرعات أو ديون لتأمين المحل بالبضائع. كما استطاع الشباب أن يجدوا بائع جملة يمول المحل بكميات قليلة تناسب إمكانات علاء الحالية. ثم طلب توفيق من عمرو “وهو مخرج للأفلام” من تصوير المحل قبل وبعد البضائع الجديدة، إلاّ أن عمرو وجد أن حال المحل مزري ويحتاج بالعربي إلى نفض “فاقترح أن يتم تنظيفه ودهانه من جديد”. ولكن الوقت لم يكن في صالحهم فالدكّان قريب من مدرسة للبنات وقد شارف إنتهاء العطلة وبدأ دوام المدارس، فكان لا بد من البدأ بعملية التغير بأسرع وقت.


ورشة قلب المحل إكستريم ميك أوفر
في صباح يوم جمعة، إتصل بي عمرو وأخبرني أنه يريد أن يأخذني إلى مكان ما بعد صلاة الجمعة. فكان المكان دكّان علاء وهناك قابلت علاء وأخاه ووالدته وعرفت عن حكاية علاء. وقال لي عمرو أنهم يريدون تغير المحل خلال يومين.. ظننت في البداية أنه كان يمزح ولكن عمرو لم يكن كذلك. وبالفعل كانت حماسة عمرو تشعل الجميع.. وبدأ العمل.. وصراحة تحول العمل من مجرد دهان جدران إلى تغيير كامل للمحل… وبدأ الشباب بالاتصال بمعارفهم من الحرفيين من حداد ونجّار وكهربائي ودهّين ومعلّم ألمنيوم. وشارك الكثير من الشباب والأصدقاء كل حسب خبرته ومستطاعه.. كما ساهم شباب الحارة وأصدقاء علاء في كثير من الأعمال التي شملت النقل والتنظيف والمساعده وسهروا حتى أوقات متأخرة لإنجاز العمل. ومن الأشخاص الذين برزوا في هذه الورشه شاب أسمه محمد عوّاد، الذي أخذ على عاتقه إدارة المشروع وتوفير كل المستلزمات التي كان أي شخص في العمل يحتاج إليها.
بصراحة لم أكن أصدق أن الشباب قادرون على إنجاز هذا المشروع، حتى في كثير من الأحيان كنت أحس أني مُثبط للعزائم بحجّة الواقعية. ولكن حماسة الشباب أسكتت كل منطق كان لدي. صحيح أن العمل أخذ أكثر من يومين ولكن لولا إصرارهم لما تم إنجاز شيء. يذكر أن تكلفة نفض المحل لم تتجاوز الـ١٥٠٠ دينار أو يزيد بقليل.


بداية الطريق
بعد الانتهاء من العمل تحسنت أوضاع البيع والشراء وتضاعف المدخول وأصبح علاء قادر على إعالة أسرته وأصبح فرداً عاملاً ومنتجاً في هذا المجتمع، وفي الوقت الحالي يقوم هادي -وهو محاسب متخصص- بأعمال إستشارات وتدريب في الإدارة المالية والمحاسبية في المشروع. أمّا بالنسبة للمدرسة المجاورة فقد قام الشباب بشرح القصة لمديرة المدرسة التي أبدت دعمّا كبيراً لفكرة الدكّان وساعدت على ترويج الدكّان بين طالبات المدرسة.. ولكن مازالت هناك تحديات كبيرة أمام علاء وهي تسديد الديون المتراكمة وضمان إستمرار العمل. والآن تأتي الخطوة التالية لعلاء وهي تعلّم قيادة السيّارة!! ربما!


مجتمع الخير
إن في هذه القصّة الكثير الكثير من الدروس والعبر المؤثرة، وربما لأنني عشت هذه التجربة وكنت جزءا منها فإن لهذه الدروس والعبر وقع آخر علي. ولكن من أهم الأشياء المؤثرة هو طموح وإصرار علاء الذي ألهم الجميع وجعلنا أطفالاً صغاراً أمام معلّم كبير مثله. أضف على ذلك عفوية كل الأحداث وتتطورها بشكل فاق كل توقعات الجميع، فمن فكرة كشك إلى دكّان إلى مشروع. لقد أثبتت هذه التجربة أن أي شخص قادرٌ على فعل التغير وإحداث فرق حتى ولو بمجهود قليل. وأن المساعدة ليست بالضرورة أن تكون تقديم مبلغ من المال أو التكرم بأشياد عينية، إن كل واحد منا لديه خبرة معينة في مجال ما يمكن أن يشارك بها الآخرين فتساعدهم على تغير حياة الكثيرين وإحداث فرق لا يمكن لأي دينار أن يحدثه. كما جعلتني أدرك هذه التجربة أن بذرة الخير موجودة لدى الجميع، مهما كانت أفكاركهم أو إتجاهاتهم، وأن عمل الخير معدي وقادر على التأثير في الجميع. وأن المجتمع في لحظات الحاجة قادرٌ على التكافل والوقوف في صف واحد من أجل التغيير.


--------------------------------

من أجمل ما وصلني بالبريد هذه القصة


المصدر الرئيسي تجدون فيه صور للمحل